في مصر
كانت القاهرة تَمُوج بحرارة الصيف عندما وقف الشاعر على منصة خشبية ضخمة مستطيلة الشكل في سوق صغير للعبيد. وكان أُناسٌ آخرون ـ رجال ونساء وصبيان وبنات ـ معروضين أيضاً ليشاهدهم المشترون المحتملون. وكان هؤلاء الناس ـ العبيد ـ يُشَكلون حشداً متنوعاً من الألوان والأشكال والمزاجات المختلفة. وكان الشاعر قد اعتاد على مثل هذا المشهد، فقد سبق له أن عُرِض للبيع في عِدة أسواق أخرى من قبلُ. وحتى الآن، لم يُبْدِ أحدٌ، باستثناء تُجار الرَّقيق، أيَّ رغبة في شرائه. فقد بَذَل هؤلاء التجار كلَّ ما في وُسعهم لإضفاء مظهر "أكثر جاذبيةً" على الشاعر. على سبيل المثال، حَلَقوا لحيته وشاربه، وألبسوه ملابس أنيقة إلى حد ما. ومع ذلك، لم يُهدِر أحدٌ ـ بخلاف تجار الرقيق ـ فلساً واحداً عليه. في البداية حدَّد تجار الرقيق السعر المطلوب عند مستوىً اعتبره الشاعر متوافقاً إلى حد ما مع قيمته الحقيقية. ولكن من سوق إلى سوق كان هذا السِّعر ينخفض إلى أدنى وأدنى. وهكذا ازداد تجار الرقيق يأساً منه. حتى أن بعضهم وصَموه بأنه فألٌ سيئ ـ ففي كل مرة كان ينتقل فيها إلى أيدي تاجر رقيق جديد، كان هذا التاجر لا يبيع عبداً واحداً (فتاة أو فتى، رجلاً أو امرأة) حتى يتخلص من الشاعر ـ بأدنى سعر ممكن. وهكذا كان الشاعر يخدم لفترة في منزل سيده الجديد حتى يتم بيعه مرة أخرى. وحتى الآن، كان قد مَرَّ بقسنطينة وبنزرت وطرابلس، وأخيراً وصل إلى القاهرة. وكان عليه أن يتحدث العربية مُعظَم الوقت، ولكن تُركيتَه تحسنت قليلاً أيضاً.
كانت أصوات تجار الرقيق تُصدِر ضجيجاً يصم الآذان، وكانت الخيول والبغال التي تجوب المكان تملأ الهواء بالغبار. ولم يَدَّخِر تجار الرقيق أي جهد لجَذب انتباه المُشترين المحتمَلين إلى وجوه وأشكال الكائنات البشرية التي كانت تصطَف على المِنصات. ولم يَكُن الشاعر مندهشاً كثيراً لعَدم وجود مَن يُبالغ في الدعاية له. كان الآن حاسر الرأس، حليق الذقن، يرتدي ثوباً أصفر قصيراً. ولم يَكن يُفكر إلا في أمر واحد: من الذي سيشتريه اليوم؟ لم ينتظر طويلاً ليعرف. اقترب رجل - في الخامسة والثلاثين من عمره، يرتدي ملابس فاخرة ويمتطي حصانًا ذهبيًا - من المكان الذي يقف فيه الشاعر. نظر الرجل أولاً إلى الجواري الجميلات، ثم إلى الأولاد الوسيمين، ثم نظر إلى الشاعر. قفز قلب الشاعر. اقترب التاجر، الذي لاحظ ذلك، من الشاعر وقال بصوت خافت:
- هذا سيكون لك عبدًا جيدًا، يا سيدي. لن تندم على شرائه، سيدي. (ابتسم ثم أضاف:) إنه لا يُكَلف الكثير، يا سيدي. ثمانية دنانير فقط، يا سيدي. ماذا تقول، سيدي؟
التفت الرجل، الذي كان يُحَدق طوال الوقت في الشاعر، بنظره نحو التاجر وقال بصوت رُجولي عميق: سأَأخذه.
خفَق قلبُ الشاعر. سلَّم الرجلُ قطعاً نقدية إلى تاجر الرقيق، الذي ابتسم وأمر الشاعر بالنزول من المنصة. سأل الرجلُ الشاعرَ بصوت عالٍ بينما كانا خارجَين من سوق الرقيق مُتجهَين نحو حي فقير من أحياء المدينة:
- ما اسمك؟
- اسمي سلمان، سيدي.
- وأنا اسمي حسن.
- يُسعِدني أن أخدمك، سيدي.
- جائع؟
- نعم، سيدي.
أَخذَ حسن الشاعرَ إلى مطعمٍ صغير وانتظره بالخارج إلى أن تناول وجبة سريعة: فول مطبوخ بالزيت وخبز. دفع حسن ثمن الفول للنادل وقاد الشاعرَ عبر شوارع ضيقة ومساحاتمفتوحة نحو منزل جميل مُثير لإنتباه ليس بعيدًا عن النيل. ألقى الشاعرُ نظرةً على النهر وشعر مرة أخرى بشيء يُشبه السعادة. ترجَّل حسن وعهِد بحصانه إلى خادم عند الباب الأمامي. ثم دخل إلى البيت وأشار إلى الشاعر أن يتبعه. فقابَلا رجلاً في الأربعين من عمره في الفناء الداخلي. كان رجلاً وسيماً يرتدي ملابس عادية. تبادل حسن التحية مع ذلك الرجل وقال مشيراً إلى الشاعر:
- هذا خادم اشتريتُه للتَّو - لأبي.
(ولأن الشاعر لم يكن مُعتاداً على اللهجة العامية المصرية فقد وجد صعوبة في فهمها.)
أجاب صديق حسن: حسناً. من شكله يبدو مناسِباً، أليس كذلك؟
نظر الرجلان نحو الشاعر الذي كان ينظر الآن إلى الأرض. قال حسن:
- أجل، أبا خالد. أتمنى أن يكون أبي سعيداً به.
- أتمنى ذلك.
- متى تُبحر السفن؟
- يمكننا إرساله الليلةَ إذا أردت.
- بارك الله فيك.
صفَّق أبو خالد بيديه، وهرع إليه خادم أسود وانحنى. قال السيد وهو ينظر إلى حسن: هذا الخادم سيُبحر جنوباً الليلة. خُذه إلى غرفتك ودَعه يستريح.
ثم التفت أبو خالد مرة أخرى إلى حسن وسأله همساً:
- هل هو جائع؟
- لا. لقد أكل للتّو.
قال أبو خالد لخادمه: خذه إلى هناك واتركه ينام.
أدخل خادِمُ أبي خالد الشاعرَ عبرَ أبواب صغيرةٍ وأخرى كبيرة إلى ساحة مفتوحة صغيرة في مؤخرة المنزل. كانت غرفةُ الخادم هناك. فتح بابَها وطلب من الشاعر الدخول. دخل الشاعرُ وجلس على مَرتبة. قال الخادم بِمَرح: الآن يُمكنك النوم. لن يوقظك أحدٌ حتى يُريدك السيد.
أغلق الخادم الباب وغادر. استلقى الشاعر على المَرتبة وحاول النوم.
لم يستطع الشاعرُ النوم. لم يَكن يُريد النوم على أية حال ـ لأنه يَعلم أن سيُبحِر ليلاً. كان مُتعَباً للغاية وحزيناً للغاية الآن. عندما نزل من المِنصة في سوق العبيد، كان عليه أن يَركض تقريباً يلحقَ بحصان سيده. لكن هذا لم يَكن مصدرَ حُزنه. فقد استعادت ابتسامةُ سلطانةَ الدائمةُ قوتَها وسلطانَها السابقين. كانت ذكرياته مع سلطانة قويةً بما يكفي لتخريب المملكة التي أسَّستها يامنة في قلبه. بدا الأمر وكأنه لم يحبَّ قطُّ أيَّ شخص سوى سلطانة ـ التي كانت زوجته رسمياً على الأقل. وكان يحلم بأحلام خيالية. كان يتطلع إلى يوم غير محسوس يصبح فيه حراً مرة أخرى، شجاعاً، قوياً، ثَريّاً وقادراً على تحرير زوجته بالقوة. حتى أنه عَبَّر عن أفكاره بصوت عالٍ، واصفاً حلمه: لقد مَر وقت طويل منذ أن رأينا بعضنا البعض آخرَ مرة. يا عزيزتي، لتحريرك ـ كما تعلمين ـ يجب أن أكون أكثر شجاعة وقوة وذكاءً. لكي أعود إلى لْحْريم، أحتاج إلى المال - الكثير من المال.
جالت أفكارُ الشاعر عبرَ كل الأحداث الماضية وحاوَل أن يتخيل المستقبل. منذ أن وطِأت قدماه أرض مصر، كان يشعر بالحيرة والفتنة العميقة بجمال هذه البلاد وشعبها. لكن هذا الشعور كان يتلاشى كُلَّما فكر في زوجته. والواقع أن مشاعر الشاعر تجاه سلطانة كانت تنمو الآن أكثر فأكثر. لم يستطع أن يفهمَ السبب، لكن هذا جعله يُفكر في الله - مرة أخرى.
عندما حَلَّ الليل كان الشاعرُ في ميناء صغير رسا عددٌ من السفن. كان رجلان قد أحضراه إلى هناك من منزل أبي خالد. وفي الطريق إلى الميناء كان الشاعر ينظر إلى الأرض أكثر من نَظره إلى المباني المختلفة على يمينه ويساره. ومع ذلك، جذبه شيء واحد: العدد المذهل من المآذن التي رآها في هذه المدينة التي لا تكشف أسرارها. كان الميناءُ مليئًا بالناس. بَدا أن معظمهم مسافرون. تحدث الرَّجلان اللذان أتَيا بالشاعر فيما بينهما، وكأن الشاعرَ لم يكن معهما. وعندما حانت الساعة أَمر أحدُ الرَّجلين الشاعرَ بالصعود إلى سفينة متوسطة الحجم. فَصَعد الشاعر وشَق طريقه نحو زاوية معزولة من السفينة وجلس على الخشب العاري. كان أحدُ أفرادِ الطاقم قد أشار إليه بالذهاب إلى هناك. كان أشبه بزنزانة أكثر من "مقصورة سفينة". بعد فترة وجيزة، شعر الشاعر بالدُّوار. أمسك رأسه بين يديه ووضع أصابعه في أذنيه وانتظر حتى تنطلق السفينة. استمرت السفينة في التأرجح في مكانها... إلى أن انطلقت أخيرًا. وفي تلك اللحظة شعر الشاعرُ بِنوعٍ من النشوة ولم يَعُد لديه أي رغبة سوى النوم. ولكن على الرغم من أنه استلقى على جَنبه على الخشب العاري فَلم يستطع النوم.
كانت الرحلةُ طويلةً ومُتعِبةً ولم يَكن الشاعر في مزاج يسمح له بالاستمتاع بما قد يكون مصدرَ إثارة وانبهار في مثل هذه التجارب. كما أنه أُصيب بصُداع شديد استمر طوال الرحلة. كانت أفكاره أيضًا قاسية عليه. لقد أغرقَه تفكيره في سلطانة و... في الله... في عذابات الندم. وكانت الأيام بالنسبة له مثل الليالي. حتى عندما يأكل، كان يأكل بدون شهية... تَقَيَّأ ثلاث مرات. ولسبب غير معروف، كانت العقوبة الوحيدة هي سيْل من العبارات الغاضبة في كل مرة يفعل ذلك. ولحُسن حظه، كان بإمكانه الذهابُ إلى الحمّام متى شاء. وكانت تلك هي المرة الوحيدة التي تمكن فيها من رؤية أشخاص آخرين من الركاب ينتظرون دورهم لقضاء حاجتهم.
كان الميناء الذي انتهت عنده رحلةُ الشاعر أصغرَ بكثير من ميناء القاهرة. كان الرجلان اللذان قادا الشاعرَ إلى السفينة هناك هما نفسُهما اللذين أخرجاه منها هنا. وكان الشاعر مُرهَقًا للغاية لدرجة أنه لم يهتمَّ بأي شيء حوله. لم يُبدِ حتى أيَّ دهشة عندما وجد حسن ينتظره في الميناء. شكر حسن الرَّجلين ووضع نقودا في أيديهما وتركهما يذهبان. ثم التفتَ إلى الشاعر وأمره بركوب بغلٍ كان يقف بجوار حصانه. بَدا الشاعر وكأنه يريد أن يقول إنه متعب للغاية ولا يستطيع ركوب بغل. لكنه في الأخير ركِب، واستدار ليتبع سيده.
كان الميناء الصغير قائماً على سَهل، ولكن كُلما ابتعد الشاعر وحسن عن الساحل، كانت الأرض تَعلو أكثر فأكثر. سارا على طول مسارات غامضة، عبر أرض طرية أحيانا وصخرية أحيانا أخرى، مروراً بعشرات القرى والبيوت الريفية المتناثرة. كان الجو حاراً جداً في الصباح. شعر الشاعر أنه يتجه الآن نحو شيء أشبه بالصحراء. وهذا ما جعله يشعر وكأنه في بَلده.
طرح حسن بعضَ الأسئلة على الشاعر - عن ماضيه - لكنه بَدا غير مُهتم بالإجابات. ولم يكن الشاعر بدوره مهتماً بأي حال من الأحوال. كان يتوق فقط إلى الوصول إلى وجهته النهائية في أقرب وقت ممكن.
لساعاتٍ متواصلة، كان حصانُ حسن يركض بسرعة فائقة، والآن، فجأة، تَباطأ إلى حَدِّ المشي. وكذلك بغل الشاعر.
قال حسن، وهو ينظر إلى الشاعر: ها قد وصلناأخيراً!
أجاب الشاعر وهو يلهث: الحمد لله.
كان المكانُ عبارةً عن قريةٍ صغيرة، تمامًا مثل القرى الأخرى في الطريق من الميناء. إلا أنه هنا بَدا وكأنه واحة بِلا ماء. لكن حسن لم ينزل عن جواده حتى وصل إلى مدخل منزل ريفي صغير معزول له قُبة. ظهر رجل عجوز - ولَو أنه في منتصف الخمسينيات من عمره - عند الباب بينما كان جواد حسن يصهل. سار حسن بِخُطى ثابتةٍ نحو الرجل العجوز وقبَّل يده. وفعل الشاعر الشيءَ نفسه. ثم قال حسن للرجل العجوز، مشيرًا إلى الشاعر: هذا كل ما وجدته لك يا أبي!
ابتسم الرجل العجوز وأدار عينيه الزَّرقاوين الجميلتين نحو الشاعر وقال بصوت مُدَوٍّ:
- حسنًا، سنرى. ما اسمك يا رجل؟
- اسمي سلمان، سيدي.
- سلمان، مرحبًا بك في كفر حانون. تفضل بالدخول!
أراد الشاعرُ أن يدخلَ البيت، لكنه انتظر حتى سَبقه حسن ووالدُه. عبَر الثلاثةُ فَناء البيت الصغير ودخلوا غرفة مُربَّعة إلى يسار المدخل. كانت الغرفةُ مفروشةً بشكل متناسق. غُطِّيَ الجانبُ الأسفل من الجُدران بسجاد عربي. وكانت هناك مقاعدُ مرتفعةٌ ناعمة مُتعددة الألوان على الجوانب الأربعة وسجادةٌ جميلة في وسط الغرفة. لم يكن هناك مائدة. جلس الرجل العجوز، الذي كان أولَ من دخل الغرفة، على أحدِ المقاعد المرتفعة. وفعل حسن الشيء نفسَه. أدرك الشاعر أنه ليس سوى عبدٍ، فجلس على السجادة، بالقرب من مقعد مرتفع. ضحك الرجل العجوز وأعطاه إشارة للتراجع والجلوس على المقعد. فعل الشاعر ما أُمِر به مُحرَجًا. وفي غضون ذلك، ألقى نظرة خاطفة على حسن وشعر أنه غير مُرَحب به حقًا.
قال الرجل العجوز للشاعر: تبدو مُتعَبًا جدًا.
فَهمس الشاعر وقد احمَر خجلاً: نعم، سيدي.
- من أين أنت؟
- أنا من مراكش، سيدي.
- آه.
كان الشاعر مُتعَبًا، في الواقع. ولكن الآن انتابه شعورٌ لا يستطيع وصفَه أو معرفة ماهِيته. شعر - أوه نعم! - وكأنه وقَع في حُب هذا الرجل العجوز! صوتُه، كلماتُه، لغته العربية الشرقية (التي كانت قريبة من لغة القرآن)، رصانته... لم يستطع الشاعر أن يعرف ماذا - أو لماذا انتابه هذا الشعور الغريب. التقت أعينُهما. ابتسم الرجل العجوز، لكن الشاعر فغَر فاه. (كان حسن ينظر إلى الأرض). فجأة، غادر الرجل العجوز الغرفة. وجَّه الشاعر نظرَه نحو حسن. حسن أيضًا رفع بصَره وثبَّت عينيه على الشاعر، لكنه لم يَقُل شيئًا. وبشكل غير مُتَوقع، غادر هو أيضًا الغرفة. فَبقي الشاعر وحيدًا، وقلبه ينبض. كان وكأنه في حُلم.
عاد الرجل العجوز بالتمر والحليب. لكن جِسمَ الشاعر كان شديدَ الحرارة لدرجة أنه لا يستطع تناولَ أو شُربَ أي شيء. لم يستطع الشاعرُ أن يفهمَ لماذا غَيَّر الرجل العجوز ثوبَه. في البداية كان يرتدي ثوبًا أبيض فاتحًا. الآن، أصبح يرتدي ثوبًا بُنيًّا. لماذا؟ قال الرجل العجوز: اشرب حليبك! بدأ الشاعر يشرب. ارتعشت يداه قليلاً. سأل الرجلُ العجوزُ فجأة: أنت مسلم، أليس كذلك؟
أجاب الشاعر بصوت مُحرَج:
- نعم، بالطبع
- إذن سنصلي معًا.
خرج الشاعرُ لِيَتَوضأ. ثم انضَم إلى الرجل العجوز، وأَدَّيا صلاة الظهر معًا في غرفة صغيرة في المنزل. وبعد انتهاء الصلاة، سُمِح للشاعر بأخذ قسطٍ من الراحة في غرفة أخرى. وهناك فَكَّر لبعض الوقت قبل أن يستسلم للنوم.
عندما أيقظه الرجلُ العجوز كان المساء قد حَلَّ. اصْطحَبه مرة أخرى إلى غرفة الضيوف. لم يكن حسن هناك. أَجلسَ الرجلُ العجوز الشاعرَ قُبالَته، ثم قال:
- الآن، أخبِرني شيئًا عنك.
- تقصد قصة حياتي؟
- نعم.
وبدأ الشاعرُ يروي حكايتَه للرجل العجوز كما تفعل الجدة مع حفيدها قبل النوم. أعطاه وصفًا صريحًا لِكُل ما حدث له حتى الآن. بَدا الرجل العجوز وكأنه يستمع إلى العَجائب. عندما أنهى الشاعر قصتَه، قال الرجل العجوز: انتظر. سأعود. وغادر. ثم عاد بطاولة منخفضة ذات ثلاثة أرجل ووَضعها بينه وبين الشاعر. جاء معه صبيٌّ يحمل طبقًا من الطعام، ثم وضعه على الطاولة. سلم الصبي على الشاعر وخرج. ثم أحضر الخُبز والماء. وجاءت أَمَةٌ بعد ذلك ووضعت على الطاولة طبقًا صغيرًا من الفاكهة وغادرت مع الصبي. ولكن قبل أن يغادرا، قدمهما الرجل العجوز إلى الشاعر: هذا سفيان (مُشيراً إلى الصبي) وهذه هند (مُشيراً إلى الأَمَةِ).
أومأ الشاعر بخجل، ثم بدأ يأكل في صمت. وانتظر بقلق أن يُعَلِّق الشيخ على الحكاية التي رواها له. في تلك الليلة لم يَقُل الشيخ شيئًا .
وبعد العشاء دعا الشاعرَ للانضمام إليه للصلاة. ثم قاده إلى غرفة صغيرة وتمنى له ليلة سعيدة.
في السرير فَكَّر الشاعرُ لمدة ساعة أو ساعتين ثم نام.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire